مونديال روسيا 2018: جروزني «الهادئة» تنتظر صلاح
يقف الشاب حمزة زالاييف على مدخل ملعب “أحمد أرينا” في العاصمة الشيشانية جروزني، مغتبطًا بإمكانية لقاء النجم المصري محمد صلاح القادم الأحد مع منتخب بلاده الذي سيعسكر خلال مونديال روسيا 2018 في مدينة دمرتها حربان طاحنتان في ربع القرن الأخير.
قال زالاييف المرتدي قميص نادي “أحمد أف سي” (تيريك جروزني سابقًا) وحاملًا وشاحه “إذا التقيت به سأدعوه لتناول طبق شيبالجش التقليدي”.
يشجع حمزة البالغ 21 عامًا نادي ليفربول الإنجليزي، وأصبح نجم الأخير صلاح قدوة له “لأنه لاعب جيد ومسلم”.
لم تنجح الشيشان، إحدى جمهوريات روسيا الاتحادية ذات الأغلبية المسلمة، باستضافة مباريات المونديال الذي ينطلق الخميس المقبل في موسكو، لكنها عوضت باستقبال منتخب مصر ونجمه الذي يتعافى من إصابة قوية بكتفه، تعرض لها في نهائي دوري أبطال أوروبا ضد المتوج ريـال مدريد الإسباني في 26مايو الماضي.
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وقعت الحرب الأولى بين الشيشان وروسيا (1994-1996)، عاشت على إثرها الأولى في استقلال تام بعد توقيع اتفاق سلام.
وبعد حصول عدة تفجيرات في روسيا في 1999 من قبل مجموعة اسلامية يقودها شامل باساييف، انطلقت الحرب الثانية بين 1999 و2000، عندما سحق الرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين خصومه الراغبين بالاستقلال بسهولة.
راح ضحية الحربين عشرات آلاف القتلى وأعلنت الأمم المتحدة في 2003 جروزني “المدينة الأكثر دمارا في العالم”.
في عام 2005، نجحت موسكو في القضاء على الرئيس السابق أصلان مسخادوف، وفي 2006 على باساييف.
أحمد في كل الأمكنة
في ملعب “أحمد أرينا” الذي يحمل اسم الرئيس السابق أحمد قديروف، وشيّده في 2011 نجله رمضان (41 عامًا)، الرئيس الحالي الحاكم بقبضة من حديد وبدعم مطلق من موسكو، يخوض منتخب مصر أولى تتدريباته في روسيا بعد انتهاء استعداداته لموندياله الاول منذ 1990 بتعادلين مع الكويت وكولومبيا وخسارة ضد بلجيكا بثلاثية.
على مدخل الملعب، تقف صورتان عملاقتان لبوتين وأحمد قديروف الذي قضى نتيجة عملية اغتيال في مايو 2004 في ملعب دينامو القديم، أثناء الاحتفال بيوم النصر الروسي.
ومن أصل 30 ألف كرسي سيفتح الملعب أبوابه الأحد أمام 8 آلاف متفرج لمشاهدة تدريبات المدرب الأرجنتيني هيكتور كوبر.
عاد الهدوء إلى شوارع المدينة القوقازية التي يتوسطها مسجد عملاق يحمل أيضًا اسم أحمد قديروف ومعروف بـ”قلب الشيشان”، وعلى مقربة منه ورشة عملاقة لبناء ناطحة السحاب “برج أحمد” المقرر أن ترتفع 102 طابقين لتكون الأعلى في أوروبا.
تظهر على سياج الورشة صور للجدلي رمضان قديروف مع الشيخ الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، في تجسيد للصداقة الكبيرة بين الطرفين والتي اثمرت انشاء صندوق زايد العام الماضي وبناء فندق “ذا لوكال” الاماراتي الطابع الذي انتهى العمل فيه قبل اسابيع قليلة وسيدشنه المنتخب المصري خلال اقامته.
إقامة متقطعة
هدوء شوارع جروزني “اعتيادي وليس بسبب شهر رمضان” كما يقول عربي شاخغيرييف البالغ 21 عاما لفرانس برس “لقد اصبحت مدينة هادئة، والناس هنا تحب ممارسة كرة القدم والالعاب القتالية مثل المصارعة”.
يضيف طالب ادارة الاعمال “لا يشجع الجميع هنا منتخب روسيا، فبعضهم يفضل المنتخبات الكبرى مثل المانيا او البرازيل… نحن سعداء لاستضافة هذا الحدث العالمي، وعدد كبير سيتابع المباريات على شاشة عملاقة في وسط المدينة”.
ستكون إقامة منتخب الفراعنة متقطعة في جروزني، كونه سيغادرها ثلاث مرات على الاقل في دور المجموعات، لمواجهة الأوروجواي افتتاحا في 15 يونيو في ايكاتيرينبورج، ثم روسيا المضيفة في سان بطرسبورج في 19 منه، قبل اختتام مشوراه في الدور الاول ضد السعودية في فولجوجراد في 25 الجاري.
على الطرف الشرقي للمدينة يقع الفندق المترف والملعب، وفي الطريق المؤدية اليهما وسط اجراءات أمنية مشددة ترفرف اعلام مصرية وروسية وشيشانية صغيرة، فيما تظهر صورة للاعب المصري عبدالله السعيد وهو يحتفل بقميص منتخب مصر وخلفه لاعبا الوسط طارق حامد ومحمد النني.
بدأت وسائل الإعلام العالمية بالتهافت إلى جروزني الراغبة بمحو صورة الحرب الأليمة، ولدي سؤال ممثلي شبكة “تي في جلوبو” البرازيلية عن سبب قدومهم إلى مدينة لا تستقبل اي مباراة وغير مرتبطة بمجموعة البرازيل، كان الجواب مختصرًا ومعبرا: “صلاح!”.