مونديال تحت التهديد
مثل كثيرين غيرنا فى العالم الكبير حولنا.. لن ننتظر فى مصر يوم الرابع عشر من يونيو الحالى حتى يبدأ اهتمامنا وانشغالنا وكلامنا وكتاباتنا عن المونديال الروسى المقبل.. فقد بدأ بالفعل اهتمامنا بهذا المونديال منذ أن تأهلنا إليه.. وبعد أن أوقعتنا قرعته مع روسيا وأوروجواى والسعودية.. وبعد القلق على محمد صلاح نتيجة إصابته فى النهائى الأوروبى مع ليفربول أمام ريال مدريد.. وبعدما بدأ منتخبنا استعداداته الأخيرة قبل السفر إلى مدينة جروزنى تمهيدا للمباريات المونديالية الأولى أمام أوروجواى.. وسيكتب كثيرون عن كل ذلك بمختلف المعانى والمفردات ووجهات النظر.
لكن ستبقى هناك أمور أخرى وزوايا كثيرة جدا خاصة بهذا المونديال تستحق أيضا الالتفات إليها والكتابة عنها.. وأبدأ ذلك اليوم بما قد يراه معظم الناس غريبا، وهو توجيه شكر حقيقى للرئيس الأمريكى دونالد ترامب.. فهو أول رئيس أو حاكم فى التاريخ يخرج فى العلن وأمام الجميع يؤكد أن أى مونديال للكرة ليس فقط مسابقة كروية كبرى لكنه قضية سياسية أيضا.. فقد أعلن ترامب بوضوح أن الولايات المتحدة ستعاقب أى دولة فى العالم لن تمنح صوتها للملف الأمريكى الخاص باستضافة مونديال 2026 فى التصويت الذى سيجرى قبل افتتاح مونديال روسيا بعد أسبوعين.. وأكد ترامب أن العقاب الأمريكى قد يكون سياسيا أو اقتصاديا أو إعلاميا.. ومن الممكن أن بصبح عسكريا أيضا.. والشكر الذى أوجهه الآن لترامب ليس بسبب هذا الفكر وتلك الرؤية غير المقبولة بالتأكيد.. إنما لأنه أول من أخرج هذه الرؤية من المكاتب المغلقة إلى النور والهواء الطلق.. فكل الرؤساء والحكام السابقين قاموا بنفس هذا الأسلوب ولكن فى صمتٍ وخلف ألف ستار.
وتكفى قراءة كتب مثل «كيف سرقوا اللعبة؟».. و«اللعب مع العدو».. و«اللعبة القبيحة».. لنعرف على الأقل أنه منذ مونديال الأرجنتين عام 1978 لم تفز أى دولة بحق تنظيم هذا المونديال إلا بالضغط السياسى والإغواء أو التهديد الاقتصادى.. وجاء ترامب ليكشف كل ذلك ويختفى فجأة من المشهد المونديالى.. كل هؤلاء الذين قضوا سنين طويلة يتحدثون عن ضرورة الفصل بين السياسة وكرة القدم، سكتوا جميعهم أمام الرئيس الأمريكى، ولم يقل له أحد، سواء فى الفيفا أو فى أى بلد، إنه لا يليق الزج بمطالب وضغوط سياسية وتهديدات اقتصادية وعسكرية فى شأن كروى خالص.