“بالستينو” قصة نادي فلسطيني يقاوم في تشيلي

0

“أكثر من كونه فريق، بل شعب بأكمله”.. تلك العبارة الموجودة علي ظهر قمصان فريق “ديبورتيفو بالستينو” الناشط في الدوري التشيلي لكرة القدم، الداعم والمساند الأول للقضية الفلسطينية منذ عشرينيات القرن الماضي

بالأمس انتشرت بعض الصور علي مواقع التواصل الاجتماعي للاعبي الفريق أثناء نزولهم الملعب مرتديين “الكوفية” الفلسطينية كدعم للشعب الفلسطيني الذي يعاني تحت غارات الاحتلال في غزة، والشبان المقاومين في جنين ونابلس في الضفة الغربية، والالاف غيرهم من المهجرين من منازلهم قسرًا بحي الشيخ جراح في البلدة القديمة بالقدس المحتلة وتنديد منهم لاقتحام المستوطنين لباحات المسجد الاقصي واستخدام العنف ضد المصليين المسالمين، وذلك قبل مبارتهم ضد فريق إيفرتون سي دي في الدورى التشيلي.

- الإعلانات -

الكثير ممن لا يعرف الفريق يصيبه الدهشه عند سماع اسمه بسبب التشابة مع اسم فلسطين المحتلة ويبدأون في التساؤل هل توجد صلة تربط هذا الفريق بالبلد المحتل أم هذا من قبيل الصدفة خاصة وأنه ينشط في دولة بعيدة كل البعد عن المنطقة العربية ، فما قصة هذا النادي؟

- الإعلانات -

أصل الحكاية

بداية القصة كانت مع نهايات القرن ال 18 وبالتحديد في بلاد الشام حيث نشطت حركات الهجرة إلي دول امريكا اللاتينية بحثا عن مستوى معيشي جيد وفرص عمل اكبر والكثير من الرفاهية بدلا من العيش تحت الانتداب البريطاني اللذي كان يمزق أوصال بلاد الشام وفلسطين بشكل خاص في ذلك الوقت ، فبدأو بالهجرة وتكوين جاليات في تلك البلدان.

وعلى غرار الجالية اللبنانية في البرازيل ، قام مجموعة من الفلسطينين بالهجرة إلى تشيلي وتكوين الجالية الفلسطينية بالعاصمة سانتياجو حيث تعد رابع أكبر جالية فلسطينية في الخارج في وقتنا الحالي

ومع زيادة الاعداد للمهاجرين فكر البعض منهم في تأسيس نادي لممارسة كرة القدم يكون خاص بهم مثلما فعلت العديد من الجاليات المتواجدة هناك مثل الجالية الاسبانية التي قامت بأسيس نادي “يونيون اسبانا” الناشط حاليًا في الدوري التشيلي

وفي عام 1920 رأت تلك الفكرة النور، وبالتحديد في مدينة “أوزورنو” التشيلية، بحيث يكون نادي تقتصر عضويته علي أعضاء أو لاعبون من الجالية الفلسطينية في تشيلي أو ذو أصول عربية فقط ، وتم اختيار إسم “ديبورتيفو بالستينو” ليذكرهم بوطنهم الأم فلسطين وكذلك الحفاظ علي الهوية الفلسطينية لدي الاجيال القادمة من أبناء الجالية، بالإضافة لوضع التقاليد الفلسطينية في الحسبان عند اختيار الوان قمصان الفريق حيث يتكون من مزيج بين اللون الاحمر والاسود والاخضر والابيض وهي الوان العلم الفلسطيني

تحول الحلم إلىحقيقة وبدأ الفريق في خوض المباريات كنادي للهواه حتي تم تأسيس اتحاد تشيلي لكرة القدم عام 1952 وتم ضم الفريق الي الدرجة الثانية بعدما تحول لنادي للمحترفين، وما هو إلا موسم واحد حتي أهلته نتائجه الممتازة الي التتويج بلقب الدوري والصعود الي دوري الدرجة الاولي واللعب مع الكبار

وبمرور الوقت ودخول النادي عصر الاحتراف حافظت الإدارات المتعاقبة علي شعار وألوان واسم النادي، الا أنه تم السماح اللاعبين الاجانب ممن لايحملون الأصول العربية بالانضمام للنادي بل وانضم العديد من اللاعبون اليهود لارتداء الوان النادي.

لكن تم منع اللاعبين الصهاينة او المؤيدين لها أو ممن سبق لهم اللعب في صفوف اندية الاحتلال ، في خطوة جيدة أعتبرت كبادرة من الموسسين للمساعدة والتوعية علي الفصل بين اليهودية كديانة والصهيونية كحركة.

في الوقت الذي انهال الدعم المادي السخي علي النادي من قبل رجال الاعمال والمستثمرون الفلسطينين والعرب وتم لتقيبه ب “المليوناريوس” واصبح من أصحاب القوة الشرائية الكبيرة بعد قطبي العاصمة التشيلية «سانتياجو» يونيفرسيداد دو تشيلي وفريق كولو كولو

وبذلك الدعم تم شراء الكثير من اللاعبين المميزين وتكوين فريق قوي وبعد بعد 5 سنواتٍ فقط من صعوده تمكن من الفوز بلقب الدوري التشيلي الاول في تاريخه الكروس موسم 1955 تحت قيادة مدربه الارجنتيني جاييرمو كول، ومنذ ذلك التاريخ أصبح نادي بالستينو احد اقطاب الكرة في تشيلي وخصم لايستهان به ، حيث حقق بعض من الارقام القياسية مثل تحقيق الثنائية المحلية الدوري والكأس موسم 1978.

وعلي مدار التاريخ قدم بالستينو العديد من الاعبين اللذين مثلوا المنتخب الفلسطيني لكرة القدم مثل روبيرتو كاتلون لاعب الفريق السابق ونادي شباب القدس السابق، وادوارد عبدالله، والمدافع الصخرة روبيرتو بشارة الذين خاضوا العديد من المباريات علي ملاعب غزة والضفة الغربية، كما قام المدرب المخضرم “مانويل بيلجريني” مدرب ريال مدريد ومانشيستر سيتي السابق وريال بيتيس الحالي بتدريب الفريق في ولايتين سابقتين موسم 1992 وموسم 1998

لكن علي الرغم من النجاحات التي حققها النادي وامتلاكه لقاعدة شعبية كبيرة في تشيلي، إلا تمسك النادي باصوله وهويته ومساندة القضية الفلسطينية سياسيا ورياضيا عرضه للعديد المشاكل والمضايقات وخلق له الكثير من الاعداء في الداخل والخارج أبرزهم الجالية اليهودية في تشيلي التي كانت تتمتع بالنفوذ في الدولة اللاتينية

فعلي سبيل المثال عام 2014 كشف النادي عن قميص جديد يأخذ فيه الرقم “1” شكل خريطة فلسطين بكامل ترابها قبل نكبة 1948، في خطوة منهم لدعم ومساندة القضية، إلا أن الجالية اليهودية في تشيلي اعترضت على القميص، واعتبرته إقراراً بعدم الإعتراف بكينونه اليهود في فلسطين. كما وقال رئيس الجالية اليهودية التشيلية للصحف المحليو التشيلية:

“هذا شكل مقيت من العنف السياسي في كرة القدم التشيلية ، وتعصب اعمي وتصرف مكروه”

ولم يقف رد الفعل اليهودي علي هذه التصريحات بل تطور علي الصعيد الدبلوماسي حيث قام وزير خارجية الاحتلال باستدعاء السفير التشيلي في تل ابيب وتسجيل اعتراضه علي تلك الخطوة باعتبارها تحض علي عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني، فقام اتحاد الكرة التشيلي باتخاذ بعض الاجراءات للتهدئه حيث فرض غرامات مالية كبيرة علي الفريق بحجه خلط السياسة بالرياضة بمخالفة لوائح الفيفا التي تنص علي عدم حدوث ذلك ، كذلك توجيه انذار شديد اللهجه لهم بازالة الخريطة والا سيتم اتخاذ اجراءات صارمة

اما علي الصعيد الجماهيري فيمتلك الفريق قاعدة شعبية وجماهيرية واسعة باعتباره سابع اقدم فريق بتشيلي ، تلك الجماهير التي لاتقل انتمائا ولا دعما للقضية الفلسطينية عن ادارات الفريق -ذوي الاصول الفلسطينية- حيث ان أعلام فلسطين لا تفارق ملعب “كيستيرنا” الخاص بالنادي  كما ان الوان مقاعد الاستاد تشكل علم فلسطين

https://www.youtube.com/watch?v=ESBtQieX81Y&t=10s

اضافه الي قيام رابطة اولتراس “لوس بايسانوس” المساندة للفريق بالعديد من التيفوهات المناصرة للقضية الفلسطينية ابرزها رفع اكبر علم فلسطيني في مدرجاته في احدي مباريات الفريق ، تللك الخطوة التي لاقت استحسان السلطة الفلسطينية المتمثلة في رئيسها محمود عباس حيث خرج وصف النادي بانه “منتخب فلسطين الثاني” وله كامل الدعم

كذلك القيام بحملات جمع الاموال والتبرع بها للجمعيات الخيرية المهتمة بشئون اللاجئين الفلسطينين بالاضافة للنشيد الرسمي للنادي الذي يحتوي علي عبارات التاييد لفلسطين المحتلة

-الإعلانات-

اترك تعليقا

قد يعجبك أيضًا