رومارينيو.. من حقول البرتقال بـ فلسطين إلى إعجاب زين الدين زيدان «بروفايل»
«لتكون فارسًا ليس من الضرورة أن تكون حصانًا».. عبارة تجسد حالة البرازيلي روماريو ريكاردو سيلفا «رومارينيو»، صاحب الملامح الخجولة التي لا تعرف سوى الابتسامة، وتقابلها قسوة هائلة داخل الملعب وأمام الشباك، حيث يتسلح بإندفاع المهاجمين وغريزة الهدافين، ليتفوق على جميع منافسيه من الحراس والمدافعين.
رومارينيو الذي التقط أنفاسه الأولى في 12 ديسمبر 1990، بين أسرة كادحة تعتمد على الدخل الموسمي البسيط للوالد، الذي كان يعمل مزارعاً في حقول البرتقال والقطن، ومع تزايد الضغوط وأعباء المعيشة، بعد إنجاب الطفل الرابع، اضطرت والدة روما دونا فيرا، لمشاركة زوجها في عمله البدني الشاق، لتوفير المال اللازم لتأمين مصاريف الحياة له ولإخوته الثلاثة دي برونو، ريناتا والآخر على اسم الأب.
من لم يشاهد رومارينيو أمام بوكاجونيورز في نهائي كوبا ليبرتادوريس فاته الكثير ?pic.twitter.com/BLv49zAxTO
— موقع جول السعودي – GOAL (@GoalSA) September 29, 2023
بداية الرحلة
بدأ رومارينيو مداعبة كرة القدم بعمر خمس سنوات مع شقيقه الأكبر في حقل ترابي بالقرب من منزل الأسرة، هناك في ضواحي بلدة «فلسطين الريفية»، الواقعة على بُعد 500 كم من صخب عاصمة الولاية ساو باولو، ويسكنها الآن نحو 14 ألف شخص، أغلبهم من المهاجرين العرب، الذين تعايشو وانخرطوا مع المجتمع على مدار عقود، إلى أن أصبحوا مواطنين وجزءًا من التنوع الثقافي الفريد من نوعه في ساو باولو، مأوى الجاليات العالمية والمهاجرين.
قبل أن يحترف رومارينيو كرة القدم أو حتى يلتحق بإحدى أكاديميات الشباب، دعاه رجل أعمال، للقيام برحلة إلى دبي مع فتيان آخرين، على اعتبار أنها رحلة مدرسية، لكن عملياً، كان الغرض منها عرض الجواهر البرازيلية الخام على الأندية الإماراتية، إلا أن النهاية لم تكن سعيدة، لفشلهم جميعاً في الاختبارات، وفي الأخير اكتفوا بجولات في المدينة وقضاء ما تبقى من الأسبوعين بالذهاب إلى الشواطئ وزيارة أطول أبراج العالم في دار الحي.
ليكتفى البرازيلي باللعب في أندية قريبة من منزله، والبداية كانت بتمثيل ريو برانكو لمدة عام في سن المراهقة، قبل أن يحط الرحال إلى ريو بريتو، وهناك واجه أصعب المواقف والعقبات، وتعرض للإذلال من قبل مدرب لم يذكر اسمه، في حواره مع شبكة “ميو تيامو”، مشيرًا إلى أنه قام بإخراجه من المران الجماعي، وألزمه بتدريب بدني شاق، وكان على وجبة إفطار خفيفة “البسكويت والزبادي والعصير”، والأسوأ من ذلك، تدهور مستواه في المدرسة مع وصوله الصف الخامس، حيث تحول إلى طالب بليد في الرياضيات والعلوم والجغرافيا، وغير ملتزم في الحضور، لدرجة الغياب في 8 حصص في اللغة البرتغالية وسبعة في الرياضيات، ومشاكل إضافية تسببت في فصله.
تحول في المسيرة
أخذت مسيرة رومارينيو منحنى جديد، بعد انتقاله إلى براغانتينو عام 2011، حيث قادته مستوياته الرائعة لخطف أنظار سانتوس وساو باولو وكورنثيانيز انتهت بذهابه إلى الأخير، بترشيح ونصيحة من وكيل الأعمال كارلوس ليتي، ليسطر التاريخ في غضون شهرين تحت قيادة تيتي، مدرب البرازيل وقتها، تبعها بهدفه التاريخي في شباك بوكا جونيور في نهائي الليبرتادوريس بملعب لا بوموبونيرا، كما سجل هدف الجزيرة الإماراتي الأغلى والأشهر بمسيرة اللاعب في شباك ريال مدريد، حين راوغ فاران داخل منطقة الجزاء، وسدد بيمناه كرة رائعة أمام أنظار كريستيانو رونالدو، منحته إشادة زين الدين زيدان ضمن نصف نهائي مونديال الأندية 2017.
كانتي ⬅️ رومارينيو ??#دوري_روشن_السعودي | #yallaRSL pic.twitter.com/JmcCAKqexw
— دوري روشن السعودي (@SPL) September 26, 2023
الحياة الشخصية
بعيداً عن حياته الكروية، يعيش رومارينيو البالغ 30 عاماً مع زوجته سينثيا موناليزا وطفلهما الصغير، ومن عاداته اليومية، الاستيقاظ على السباحة في مسبح منزله، بعدها يتناول وجبة الإفطار ويرتشف قهوته، ثم يقود “البي إم دبليو”، إما لتدريبات الاتحاد أو بالتنزه على كورنيش جدة، حيث يجلس في مطعمه الإيطالي المفضل ريستورنت جابيانو، وأحياناً أخرى يتجه إلى تناول السوشي في مطعم ياباني بالقرب من شارع صاري، وكأغلب مواطنيه لا يملّ من زيارة مطعم فوغو دي تشاو البرازيلي، ومؤخراً وقع في حب المعصوب، وأدخل كذلك شاورما الدجاج العربي في جدول مأكولاته المفضلة.
يتمتع روما بشخصية هادئة ومرحة، وأسلوب عفوي، ويحب كذلك الاستماع للآخرين، مقابل ذلك هو شخص قليل الكلام، وصداقاته في جدة تنحصر على أبناء وطنه، في مكان بعيد عن الأعين وكاميرات المعجبين.
طالع أيضًا: أنجي بوستيكوجلو.. تلميذ بوشكاش الذي عشق ليفربول مبكرا
التشبيه بـ روماريو
يشبهه المشجعون بالمهاجم الأسطوري البرازيلي روماريو أفضل لاعب في كأس العالم 1994 وهداف البطولة، وسبق أن وصف الإمارات بدولة الأمان، بعد رؤيته الرعب والظلم في الدوحة إثر احتجازه بمطار الدوحة 2017، وأغرب مواقفه تسببه بكسر ساق صديقه كاليكستو جراء مراوغته الشهيرة، فيما تسبب ذات مرة بإيقاف شقيقه دي برونو عن العمل في محطة البنزين، لتهافت المشجعين والحسناوات عليه بعد هدفه في البوكا، أما أطرف مواقفه عندما ينادي زملاءه الاتحاديين الذين يرفضون تمرير الكرة له أثناء التمرين: “شاكوش شاكوش”.. بينما تبقى أمنيته الأخيرة إعادة النمور لمنصات الذهب قبل العودة إلى فلسطين.